اسألنا عن المسجد الأقصى

أرسل االسؤال
  • الرئيسية
  • تبرع الان
  • من نحن
  • تواصل معنا
مؤسسة القدس ماليزيا
  • الرئيسية
  • تبرع الان
  • من نحن
  • تواصل معنا
  • العربية

  • English

  • Melayu

  • Indonesia

  • தமிழ்

  • हिन्दी, हिंदी

  • ภาษาไทย

  • 中文

الرئيسية / سؤال وجواب

ما معنى بركة المسجد الأقصى؟ وما هي صورها ؟

ما معنى بركة المسجد الأقصى؟ وما هي صورها ؟

لا يمكن الحديث عن المسجد الأقصى المبارك دون الإشارة بل التوقف عند مفهوم وحقيقة "البركة" التي جعلها الله تعالى وصفاً ملازماً لهذا المسجد؛ فقد تكرر استعمال هذا المصطلح وبعضاً من مشتقاته في آيات كثيرة تحدَّثت عن الأقصى، وفلسطين كجزء من بلاد الشام في سياقات مختلفة كان منها:

قوله تعالى عن نجاة إبراهيم: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)

وقوله فيما سَخَّر لسليمان عليه السلام:( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ)

وحين أخبر تعالى عن نعمته التي أنعمها على الذين ظلموا أنفسهم قال: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ)

وفي معرض مَنِّه على عباده الذين استضعفوا قال: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا)

فما حقيقة هذه البركة؟ وما أسبابها؟ وكيف يكون تحققها؟!

 بداية فإن البركة عند أهل اللغة هي "الكثرة والنماء في كل خير"، فيكون المسجد الأقصى الذي قال الله تعالى فيه: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). هو مركز البركة، ومنبَع الخير، ومنه تنتقل البركة إلى أقطار الأرض وأنحائها، فما من بركة تَحل بمكان إلا وكان المسجد الأقصى له فضل فيها، وهو ما ذهب إليه المفسرون مِن أنَّ البركة في الآية ترجع إلى أمرين:

الأول: بركة في الدين، وعلَّلوا ذلك بأنَّ أكثر الأنبياء عليهم السلام بُعثوا منها، وانتشرت شرائعهم وآثارهم الدينية فيها.

الثاني: بركة الدنيا، وذلك بجعل الله تعالى أرضها أرض ماء وثمر وطيب عيش .

فكان وصف الله تعالى للمسجد الأقصى بــــ: "الذي باركنا حوله" بالموصولية؛ لتشهير الموصوف بمضمون الصلة أي أن البركة ملازمة لهذا المسجد، وكما ذكر الإمام ابن عاشور فإن كون البركة حوله إنما هي كناية عن حصول البركة فيه من باب أولى؛ لأنها إذا حصلت حوله فقد تجاوزت ما فيه، فكانت الآية الكريمة مشتملةً على ثلاث لطائف:

الأولى: لطيفة التلازم. "فالبركة ملازمة للمسجد الأقصى، وهي إحدى صفاته".

الثانية: لطيفة الفحوى. "وهو تحقق البركة ووجودها في المسجد من باب أولى".

الثالثة: لطيفة المبالغة. في قوله "باركنا".

1.       وهذه البركة تتمثَّل في مجموعة من الصور والأشكال، ومنها:

2.     مضاعفة أجر الصلاة فيه: فقد كان أول معالم بركة المسجد الأقصى تفضيل الله تعالى له على بقاع ومساجد أخرى بمضاعفة أجر المصلين فيه، فهو أحد ثلاثة مساجد تُشد إليها الرحال، والصلاة فيه نُضاعف إلى خمسمئة صلاة كما جاء في الحديث: "والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة" "  (أخرجه البيهقي في السنن الصغرى رقم (1821) وحسنه). أو إلى ربع أجر الصلاة في المسجد النبوي في رواية أخرى، فعندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في المسجد الأقصى أم في مسجده أجاب: "صلاةٌ في مسجدي هذا، أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيه، ولنعمَ المصلى، هو أَرضُ المحشرِ والمنشر، وليأتين على الناسِ زمانٌ ولَقِيدُ سوطِ -أو قال: قوسِ- الرجلِ حيث يَرى منه بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ له أو أَحبُّ إليه من الدنيا جميعاً". (رواه البيهقي وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).  للمزيد عن مضاعفة أجر الصلاة في الأقصى اضغط هنا

 

3.     أرض الأنبياء: فقد كانت من بركة المسجد الأقصى أن يولد عدد من الأنبياء في أكنافه، وساق الله تعالى عدداً منهم للإقامة بقربه، والسكنى بجواره؛ لذلك كانت أرضه أرض الأنبياء، وازدادت بركته ببركتهم فهم مباركون كما قال الله تعالى على لسان عيسى عليه السلام: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ) ، فببركتهم تتنزل الرحمات، وتتتابع الكرامات.

4.    أرض النجاة والسلام: كان من بركة المسجد الأقصى أن جعله الله تعالى أرض الأمن والأمان، والسلامة والاطمئنان فقال جل شأنه في معرض تفضُّله على نبيِّه إبراهيم عليه السلام: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)

5.     على أرضه تكون نهاية الجبابرة والطغاة: حيث كان من بركة المكان أن يُهلك الله تعالى كل جبار طاغية، فقال تعالى حاكيا قصة بني إسرائيل مع موسى عليه السلام: قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23)فالغلبة دائماً لأهل الله، وأوليائه من الطائعين.

6.     تتحطم على أرضه الإمبراطوريات، وتنكسر جيوش الظلم والفساد: ببركة الأقصى هُزِم الصليبيون بعدما أوغلوا في الظلم والفساد، وانكسر جيش التتار بعدما ملأ الأرض طغياناً وإجراماً وبؤساً، فكانت أرضه مقبرة لكل الغزاة الطامعين، وقريباً بإذن الله نَشهَد هزيمة الاحتلال الصهيوني، بعد أنْ بَلَغَ بفساده علواً غير مسبوق.

7.     مقر الطائفة المنصورة: تَرَسَّخَت بركة المسجد الأقصى بأنْ جعله الله تعالى مَقَرَّ ومُقام الطائفة المنصورة التي لا تضُرًّها أذيَّة، ولا يُثنيها خُذلان، فقال صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ". (مسند الإمام أحمد)  

8.     تتمايز ببركته الصفوف ويُعرف به أهل الحق من أهل الباطل: إنَّ تاريخ المسجد الأقصى وحاضره يُنبِئ عن دورِه في تمايز الصفوف وتصنيفها، فبه يُعرف أهل الصدق والثبات والوفاء من أهل الإرجاف والنفاق والخذلان، وبناءً على موقف الأمم والشعوب والدول والأفراد يكون الحكم عليهم بالخيرية والصلاح، أو الشر والفساد، فأهل الحق أنصاره، وأهل الباطل أعداؤه.

9.     وتتجلى كثير من المعاني واللطائف والحقائق التي تُظهر بركة المسجد الأقصى، وهي بركة يستشعرها ويعرفها كل من يعمل للمسجد الأقصى وبذل في ذلك من وقته أو ماله أو جهده، وهي بركة تتحقق بالقرب القلبي والعملي كما القرب البدني، وعلى المسلم أن يحرص على تلمس هذه البركة، وقد تبين من حديث الصحابية ميمونة بنت سعد رضي الله عنها على حرص الصحابة على تلمس بركة المسجد الأقصى وإن لم يتمكنوا من زيارته، أو بعدت أجسادهم عن المكان، فدلهم الرسول صلى الله عليه وسلم على البذل للأقصى والإهداء له،  ففي الحديث أن ميمونة مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ": أَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ، ائتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه". (مسند الإمام أحمد) . .

ما هي دلالات صلاة الأنبياء بالمسجد الأقصى المبارك ليلة الإسراء والمعراج؟

ما هي دلالات صلاة الأنبياء بالمسجد الأقصى المبارك ليلة الإسراء والمعراج؟

أجاب عنه :

د.شريف أبو شمالة

رئيس مؤسسة القدس ماليزيا

الإسراء والمعراج معجزتان أجراهما الله تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والإسراء ابتدأ من مكّة وانتهى إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، كما نصّ على ذلك القرآن الكريم، والمعراج كان من المسجد الأقصى إلى السماء مُعجزة أثبتَتْها السُّنة. وهي الرحلة التي خلدها القرآن الكريم في مطلع سورة الإسراء، قال الله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " (للمزيد عن الإسراء والمعراج اضغط هنا).

ويمكن لنا أن نتلمس بعض وجوه الحكمة، من جمع الأنبياء في المسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج مستأنسين بالأحاديث والآثار التي وردت في الموضوع بالشكل التالي:

1)      إن اختيار المسجد الأقصى المبارك مكانا لاجتماع الأنبياء عليهم السلام بإمامة النبي صلى الله عليه وسلم إشارة واضحة على علو مكانته وفضله، فهو الموضع الوحيد في الدنيا الذي تحققت له فضيلة اجتماع جميع  الأنبياء فيه، وفي هذا تشريف عظيم للأقصى من الله عز وجل. فكان اجتماعهم في الأقصى أعظم مؤتمر عرفته البشرية، فالحضور هم خيرة خلق الله والصفوة من عباده الذين ائتمنهم على رسالته وبعثهم أنبياء ورسلا لأقوامهم.

2)    يعد جمع الأنبياء جميعهم على اختلاف أزمانهم وأوطانهم وأعراقهم وأقوامهم في المسجد الأقصى، دليل على أنه مسجد الأمة المسلمة جمعاء، وهي إشارة لنا في الوقت الحالي أن مسئولية تحريره ليست مسئولية عرق دون آخر، أو جنسية دون أخرى أو قومية دون أخرى، بل هي مسئولية جميع المسلمين. 

3)    يعد إسراء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، الذي كان واقعا تحت الاحتلال البيزنطي آنذاك، فتحا معنويا وروحيا للمسجد الأقصى بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه جميع الأنبياء، وهي كذلك بشارة بقرب تحريره، وهو ما حدث فعلا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام 16هـ/637م.

هذا ما فتح الله به علينا من دلالات جمع الأنبياء في الأقصى ليلة الإسراء والمعراج، ويبقى هناك أسرار أخرى يمكن تلمسها بإنعام النظر وإدامة التفكر، والله تعالى أعلى وأعلم. 

كيف كانت علاقة الصحابة بالمسجد الأقصى المبارك ؟

كيف كانت علاقة الصحابة بالمسجد الأقصى المبارك ؟

يقتضي الحديث عن المسجد الأقصى في الإسلام استجلاء مكانته عند الصحابة الذين رافقوا النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا تطبيقا عمليا للفهم الإسلامي الأول لمكانة المسجد الأقصى، وقد تعددت الشواهد والروايات التي بينت اهتمام الصحابة في المسجد الأقصى وشد الرحال إليه والسؤال عنه أو الإقامة بجواره والعناية به، وهنا نعرض نماذج من علاقة الصحابة بالأقصى، ولا شك أن الموضوع أكبر من أن يجمله مثل هذا المقال المختصر.

أبو ذر يسأل ويفعل..

كان الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه من أوائل الصحابة إسلاما (الرابع أو الخامس) يسأل النبي صلى الله عليه وسلم:  يا رسولَ اللهِ، أيُّ مسجدٍ وُضِع في الأرضِ أولَ ؟ قال: (المسجدُ الحرامُ ) . قال : قلتُ : ثم أيٌّ ؟ قال : ( المسجدُ الأقصى ). قلتُ : كم كان بينهما ؟ قال: ( أربعونَ سنةً، ثم أينَما أدرَكَتكَ الصلاةُ بعدُ فصلِّهِ ، فإنَّ الفضلَ فيه. (رواه البخاري)

ويظل المسجد الأقصى حاضرا في ذهنه ليسأل النبي بعدها بسنين – وهم في المدينة المنورة- فيروي:  تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها أفضل أمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال صلى الله عليه وسلم (صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه -أي المسجد الأقصى- ولنعم المصلى هو)، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شَطَنِ فرسه من الأرض - الشطن: الحبل- حيث يرى منه بيت المقدس خيرٌ له من الدنيا جميعاً، أو قال خير له من الدنيا، وما فيها. ( رواه الطبراني في المعجم الأوسط وصححه الألباني)

وتستمر علاقة أبي ذر بالأقصى فيقول: أتاني نبي الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا نائم في مسجد المدينة فضربني برجله، وقال: ألا أراك نائما فيه؟ قال: قلت يا نبي الله غلبتني عيني، قال: كيف تصنع إذا أخرجت منه؟ قال: قلت آتي الشام الأرض المقدسة، قال: فكيف تصنع إذا أخرجت من الشام قال: أعوذ بالله .... ) (تاريخ دمشق)

وهي كلها شواهد على اهتمامه رضي الله عنه بالأقصى ووضعه في مرتبة متقدمة ضمن أولوياته، ويصدقها بفعله إذ شارك في فتح بيت المقدس مع الخليفة عمر بن الخطاب عام 15 هـ/ 637م.

الصحابة والخلفاء الراشدون يحررون الأقصى

وتدلنا الروايات التاريخية على مدى الاهتمام الذي أولاه الخلفاء الراشدون من صحابة رسول الله للمسجد الأقصى وبيت المقدس، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يسرع في إرسال الجيوش لفتح بلاد الشام ولعل رسالة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق (ت: 13 هـ/ 634م) إلى خالد بن الوليد وهو في العراق يستحثه على اللحاق بجيش الفتح في الشام، تبين ذلك، إذ يقول له: "أن أعجل إلى إخوانكم بالشام، فوالله لقرية من قرى أرض القدس يفتتحها الله تعالى أحب إلي من رستاق عظيم من رساتيق العراق". (ابن المرجى: فضائل بيت المقدس)

ويكمل من بعده الخليفة الثاني عمر بن الخطاب المسيرة فيلبي دعوة أبي عبيدة بن الجراح للقدوم لاستلام مفاتيح بيت المقدس بنفسه، ويشرع في تهيئة المسجد الأقصى للصلاة، وأقام للمسلمين مصلاهم الأول في الجهة القبلية من المسجد، (للمزيد عن الأقصى في عهد الخلفاء الراشدين اضغط هنا).

 

الصحابة يهلون بالحج أو العمرة من المسجد الأقصى

الإهلال: هو التلبية، وهنا بمعنى الإحرام، لرفع المحرِم صوته بالتَّلْبية .

وحرص الصحابة على ذلك تلمسا لتحصيل بركة الصلاة والزيارة للمسجدين الأقصى والحرام في رحلة تعبدية واحدة، وكذلك لتحصيل الأجر الموعود من الرسول صلى الله عليه وسلم لمن كان هذا فعله، فهي سنة مستحبة، (للمزيد عن موضوع الإهلال بالعمرة والحج من المسجد الأقصى من ناحية فقهية اضغط هنا).

ففي الحديث عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( مَنْ أَهَلَّ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) (رواه أبو داود، مسند الإمام أحمد)، فكان هذا عمل جمع من الصحابة مثل ابن عمر رضي الله عنه، الذي ثبت أنه أهل من المسجد الأقصى، وقدِم سعد بن أبي وقَّاص قائد جيشِ القادسية إلى المسجد الأقصى فأحرَم منه بعُمرة، كما أن الصحابي عبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَكَعْبٍ [أي كعب الخير] مُحْرِمِينَ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَمِيرُنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. (المحلى لابن حزم الظاهري) مما يدلل على أن هذا الفقه كان متوافقا عليه من الصحابة، وقد اقتدى بهم في ذلك عدد من الفقهاء والتابعين مثل وكيع بن الجراح الذي أحرم من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، ومن النساء أم حكيم ابنة أمية بن الأخنس؛ حيث شدت الرحال إلى بيت المقدس حتى أهلت من المسجد الأقصى بعمرة بعد أن علمت بحديث أم سلمة السابق.


صحابة في رحاب الأقصى.

أما الصحابيان الجليلان عبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله عنهما فعلاقتهما بالأقصى مشهورة، ولا تزال قبورهما شاهدة على ذلك في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى من الناحية الشرقية، فالأول (عبادة بن الصامت) كان قد تولى القضاء في فلسطين وأقام في بيت المقدس هو وعائلته وكان يرتاد الأقصى مصليا وفقيها ومعلما، حتى توفاه الله.

أما شداد بن أوس فقد استقر في بيت المقدس حيث المسجد الأقصى بناء على توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم حين اشتكى للنبي: " قَالَ : ضَاقَتْ بِيَ الدُّنْيَا ، فَقَالَ : " لَيْسَ عَلَيْكَ ، إِنَّ الشَّامَ يُفْتَحُ ، وَيُفْتَحُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، فَتَكُونُ أَنْتَ وَوَلَدُكَ أَئِمَّةً فِيهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ " . (المعجم الكبير للطبراني).

وبالفعل عمَّر شداد في بيت المقدس ومسجدها حتى توفاه الله هناك وقد كانت له ذرية كبيرة في المسجد الأقصى.

ولم يكن شداد بن أوس الوحيد من الصحابة الذين شجعهم النبي على الاقامة في بيت المقدس ومجاورة الأقصى، فهذا الصحابي ذي الأصابع يطيع النبي صلى الله علي وسلم وينتقل للعيش مجاورا للمسجد الأقصى، يقول: قلت: يا رسول الله، ان ابتلينا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: عليك ببيت المقدس، فلعله أن ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون".(مسند الإمام أحمد)  

 أما الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه فكان له حال فريد مع الأقصى، إذ اعتاد أن يأتي من الحجاز إلى بيت المقدس؛ فيدخل فيصلي في المسجد الأقصى المبارك، ثم يخرج ولا يشرب فيه حتى الماء، حتى تصيبه دعوة سليمان عليه السلام الواردة في الحديث "لما فرغَ سليمانُ بن داودَ عليهما السلام من بناءِ بيتِ المقدسِ، سأل الله عزَّ وجلَّ ثلاثاً: أَن يعطيهُ  حكماً يصادف حكمه، ومُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدهِ، وأَنه لا يأتي هذا المسجدَ أحدٌ لا يريد إلا الصلاةَ فيه؛ إلا خرجَ من ذنوبهِ كيومِ ولدتْهُ أمُّه". فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَما ثِنتَينِ فقد أُعطيَهما، وأرجو أن يكون قد أُعطي الثالثة". (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه)، وكان الصحابة ثم التابعون يأتون، ولا يقصدون شيئاً مما حول المسجد الأقصى من المواقع والبقاع، ولا يسافرون إلى الخليل، ولا غيرها، بل تكون وجهتهم فقط الأقصى والصلاة فيه. (ابن تيمية: مجموع الفتاوى (27-258).

وحفلت كتب التراجم والسير بالعديد من الصحابة والصحابيات الذين ارتبطوا بالمسجد الأقصى، وتعلقوا به قلبا وجسدا، مثل أبو عبيدة بن الجرَّاح، وصفيَّة بنت حُيَي زوْج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومعاذ بن جبَل، وبلال بن رباح مؤذِّن الرسول - الذي رفَض الأذان بعدَ وفاة الرسول، فلم يؤذِّن إلاَّ بعد فتْح بيت المقدس - وعياض بن غُنم، وخالد بن الوليد، وأبو ذر الغفاري، وأبو الدَّرداء عوَيمر، وعُبادة بن الصَّامت، وسلمان الفارسي، وأبو مسعود الأنصاري، وتميم الداري، وعمرو بن العاص، وعبدالله بن سلام، وسعيد بن زيد، وشدَّاد بن أوس، وأبو هريرة، وعبدالله بن عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وعوف بن مالِك، وأبو جمعة الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين. وبتتبع المصادر يمكن معرفة سبعة من الصحابة الذين دفنوا في بيت المقدس مجاورين للمسجد الأقصى، وهم: عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس الخزرجى، وذو الأصابع التميمي ويقال: الخزاعي، وواثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر، وسلامة بن قيس الحضرمي، وأبو عبدالله عمرو بن أم حرام الأنصاري الخزرجى، وشمعون بن زيد بن خناقة، أبو ريحانة الأزدي.


الصحابيات والأقصى

ويبقى من الروايات المشهورة في اهتمام الصحابيات بالمسجد الأقصى ما روى الإمام أحمد في مسنده من حديث مَيْمُونَةَ، مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ، ائتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه. (مسند الإمام أحمد) . .

أما أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنها علمت التابعية أم حكيم ابْنَةِ أُمَيَّةَ بْنِ الأَخْنَسِ عن فضل الأقصى، وروت لها حديث "من أَهَلَّ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". ويضيف الراوي: "فَرَكِبَتْ أُمُّ حَكِيمٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى أَهَلَّتْ مِنْهُ بِعُمْرَة"  (مسند الإمام أحمد).

وبذلك نرى أن كبار الصحابة والكثير منهم قد اهتموا بالمسجد الأقصى والسؤال عنه والإقامة فيه مما يعكس فهمهم العميق لقدسية هذا المكان ومدى الأجر المتحقق بزيارته والبركة المتحصلة من مجاورته والعمل على تحريره وتطهيره وعمرانه بالصلاة والبناء وإحيائه بمجالس الفقه والعلم، وهو ما نحتاج إليه اليوم في معركتنا لتحريره واستعادته إلى حياض المسلمين ليعود للأقصى حريته ودوره في الأمه.   

كم عدد أبواب المسجد الأقصى؟

يوجد في أسوار المسجد الأقصى عدد كبير من الأبواب "البوابات" بلغت 15 بابا، لتتناسب مع حاجة السكان والزوار القادمين من مختلف الاتجاهات، وفي الوقت الحالي، يمكن تقسيم هذه الأبواب إلى قسمين:

الأبواب المفتوحة: وعددها 10 أبواب، وهي في الجهتين الشمالية والغربية. 

والأبواب المغلقة: وعددها 5 أبواب، وهي في الجهتين الجنوبية والشرقية.

وللأسف، فإن جيش الاحتلال الصهيوني يتحكم في دخول المصلين إلى المسجد الأقصى عبر نقاط تفتيش أقامها أمام هذه البوابات فضلاً عن سيطرته الكاملة على باب المغاربة الذي يستخدمه المستوطنون والمتطرفون لاقتحام الأقصى.

للمزيد عن أبواب الأقصى. 

لماذا بعض أبواب المسجد الأقصى مغلقة؟

يوجد للأقصى 15 بوابة تتوزع على أسواره في الجهات الأربع، 5 منها مغلقة أي مطموسة بالحجارة،  وهي الأبواب الواقعة في الجهتين الشرقية والجنوبية، وهي:

باب الرحمة، وباب الجنائز (في الجهة الشرقية).

 الباب المفرد، والباب المزدوج، والباب الثلاثي ( في الجهة الجنوبية).  وقد طمست هذه الأبواب لأسباب دفاعية عن المدينة خوفا من دخول الأعداء منها إلى المدينة خصوصا في الفترة الأيوبية التي تلت تحرير بيت المقدس والمسجد الأقصى من الصليبيين (583هـ/ 1187م). 

لماذا سمي باب المغاربة بهذا الاسم؟ وما هو حاله اليوم؟

يقع هذا الباب في سور المسجد الأقصى الغربي ضمن حائط البراق، وسمي بهذا الاسم لأنه كان يفتح على حارة المغاربة، والمغاربة هم المجاهدون الذين قدموا من المغرب العربي مع صلاح الدين الأيوبي لتحرير بيت المقدس، وبعد التحرير سكنوا هذه المنطقة فسميت باسمهم.

وقد تعرضت هذه الحارة إلى التدمير الكامل عام 1967م على يد الاحتلال، وأقام مكانها ما أسموه (ساحة المبكى) وذلك لإفساح المجال لليهود للصلاة أمام حائط البراق وإنشاء مرافق لهم لخدمتهم أثناء تأديتهم لطقوسهم الدينية.

ومنذ ذلك الحين (1967م) حتى اليوم تمنع سلطات الاحتلال المسلمين من استخدام هذا الباب حيث يسيطر الصهاينة بشكل كامل على هذه البوابة وقد استولوا على مفاتيحها، ويمنعون المسلمين من الدخول إلى الأقصى عبر هذه البوابة، بينما تستخدم البوابة لدخول السياح الأجانب والمتطرفين الصهاينة وقوات الجيش الإسرائيلي لاقتحام المسجد وتدنيسه.  

أين يقع باب الأسباط؟ وما هي أهم الأحداث المرتبطة به ؟

يوجد في مدينة القدس بابين يحملان نفس التسمية "باب الأسباط"، الأول باب للمدينة يقع في السور الشرقي للمدينة، والثاني بالقرب منه، وهو أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، ويحمل نفس التسمية.

يقع هذا الباب في الجهة الشرقية من الرواق الشمالي للمسجد الأقصى، والأسباط هم أبناء النبي يعقوب عليه السلام، جُدد الباب في الفترة الأيوبية عام 610هـ -1213م، كما شهد تجديدا آخر أيام المماليك، ويطلق على هذا الباب أيضا باب ستي مريم لقربه من كنيسة القديسة حنة التي يعتقد النصارى أنها مكان ميلاد السيدة مريم عليها السلام.

وهذا الباب هو المدخل الوحيد لسيارات الإسعاف إلى المسجد الأقصى المبارك في حالات الطوارئ لأنه أوسع الأبواب التي على مستوى المسجد، حيث شهد خروج العديد من الجرحى والشهداء، خاصة خلال مجازر الأقصى الثلاث أعوام 1990 و1996 و2000. 

ما هي علاقة الإمام الغزالي بباب الرحمة؟ ولماذا هو مغلق؟

يعد باب الرحمة من الأبواب المميزة في المسجد الأقصى بمبناه الكبير الواسع، وهو يقع في السور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك داخل مبنى مرتفع ينزل إليه بدرجات من المسجد الأقصى، وهو باب قديم وضخم يتكون من بوابتين متلاصقتين باب الرحمة جنوبا والتوبة شمالا ويبلغ ارتفاعه 11.5م، وسمي بالرحمة نسبة إلى مقبرة الرحمة الملاصقة له، والموجود فيها قبور الصحابيين شدّاد بن أوس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما.

يسميه الغربيون الباب الذهبي (Golden Gate) لشدة جماله. ويرجح علماء الآثار أن بناء هذا الباب يعود الى الفترة الأموية، ويقال إن الإمام الغزالي رحمه الله اعتكف في زاويته[HY1]  المقامة أعلى باب الرحمة عندما أقام في بيت المقدس وكان يدرس في المسجد الأقصى وفيها أنهى كتابه القيم (إحياء علوم الدين)، وهذا الباب مغلق بأمر صلاح الدين الأيوبي، عندما فتح بيت المقدس لحمايتها والمسجد الأقصى من اعتداءات الصليبيين في المستقبل.


 [HY1]بمعنى الزاوية الصوفية 

ماذا كانت وظيفة الباب المزدوج؟ وما علاقته بمصلى الأقصى القديم؟

يقع هذا الباب في السور الجنوبي للمسجد الأقصى، وكان يطل على دار الإمارة والقصور الأموية القائمة جنوب المسجد الأقصى. وقد تم إنشاؤه كما يبدو ليدخل منه الأمير وكبار الموظفين إلى المسجد القبلي مباشرة.

والباب مكون من بوابتين تقودان إلى رواقين يشكلان تسوية تحت المسجد القبلي، ويتضح من أسلوب بنائه ووظيفته أنه بناء أموي. وهذه التسوية "الباب" الآن هي ما يسمى مصلى الأقصى القديم، وتنتهي بدرج مخرجه أمام المصلى القبلي.

وقد أغلق الباب بأمر من السلطان صلاح الدين الأيوبي لحماية المسجد والمدينة من هجمات الصليبيين، حيث أقام عليه ما يعرف حاليا باسم المدرسة الخنثنية، ويظهر بعض من واجهته في الوقت الحالي في الجهة الجنوبية من خارج المسجد الأقصى المبارك.

تم تعمير هذه التسوية "الباب" عام 1996م وتحويلها إلى مصلى أطلق عليه اسم المصلى القديم. 

لماذا سمي باب الجنائز بهذا الاسم؟

يقع باب الجنائز في السور الشرقي للمسجد الأقصى وهو من الأبواب المغلقة، وقد أطلق عليه هذا الاسم لأن جنائز المسلمين كانت تخرج من المسجد الأقصى عبره الى مقبرة الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الشرقية. 

ما هي علاقة الباب الثلاثي بالمصلى المرواني في الأقصى؟

يقع الباب الثلاثي في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى، ويتكون من ثلاث فتحات متجاورة، ويعتبر تاريخيا مدخلاً للتسوية الجنوبية الشرقية (المصلى المرواني حاليا)، وللمسجد الأقصى بالعموم، وأغلق هذا الباب بالحجارة بأمر من السلطان صلاح الدين لحماية المدينة والمسجد من إعادة الغزو الصليبي.

وفي التسعينيات من القرن الماضي أقامت بلدية الاحتلال درجاً عريضاً يوصل الى هذا الباب في محاولة للاستيلاء على المصلى المرواني، لكن مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات سارعت الى ترميم المصلى المرواني ابتداء من عام 1996م، وإعادة فتح بواباته الداخلية أمام المصلين فأفشلت هذا المخطط رغم محاولة الاحتلال عرقلة هذا المشروع.

كيف تطوَّرت حركةُ الرِّباطِ في المسجد الأقصى؟

كيف تطوَّرت حركةُ الرِّباطِ في المسجد الأقصى؟

    بعد اقتحام رئيس الوزراء الصهيوني (أرئيل شارون) للمسجد الأقصى، اشتعلت انتفاضة الأقصى عام 2000م، ثم بادرت الحركة الإسلامية في الداخل بقيادة الشيخ رائد صلاح، بالتفكير في ضرورة حماية المسجد الأقصى وعمارته بالمصلين على مدار الساعة حتى لا ينفرد به الاحتلال؛ فأطلقوا حينها ما عُرِف باسم "مسيرة البيارق" و"قوافل شد الرحال"؛ لنقل المصلين من مناطق الجليل والمثلث والنقب والساحل إلى المسجد الأقصى بشكل يومي، عبر حافلات خُصِّصَت لهذا الغرض؛ فكان لها أثر إيجابي مباشر في إحياء الأقصى، وإنعاش الحياة الاقتصادية في البلدة القديمة في القدس.  

    وجاءت ثاني مراحل مسيرة الرباط في الأقصى بتأسيس حلقات "مصاطب العلم"، حين رعت الحركة الإسلامية في الداخل عام 2008 إقامة 36 حلقة/مصطبة علم داخل المسجد، بحيث تستقبل الراغبين في تلقِّي العلم الشرعي؛ من قرآن وقراءات وفقه وسيرة وسنة، عبر دورات علمية منهجية، من مختلف الأعمار، تطوَّرت بشكلٍ تدريجيٍّ حتى وصل عدد منتسبيها إلى 1200 طالب عام 2011، شكّلوا حلقات علم دائمة الحضور والمرابطة داخل المسجد، ومن خلالها كانوا يتصدون للمقتحمين ويحاولون طردهم رغم ما كانوا يلاقونه من اعتداء ومشاق.

ثمَّ كان العام 2015، عام الحرب الإسرائيلية المعلنة على المرابطين؛ فأصدرت مخابرات الاحتلال يوم 23 آب/ أغسطس 2015، قائمة تضم أسماء نحو (20) مرابطة من النساء المقدسيَّات، ثم زادت القائمة لتضم 55 اسمًا، باتت تُعْرَفُ في أوساط الناشطين بـ "القائمة الذهبيَّة"، حُرِمَ جميع المرابطات الواردة أسماؤهن فيها من حقوقهن في دخول المسجد الأقصى والصلاة فيه، كما أصدر وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون، في الشهر نفسه، قرارًا باعتبار المرابطين والمرابطات منظمة محظورة، وذلك بناء على توصية من شرطة الاحتلال و"جهاز الأمن العام"، "معتبرًا إيَّاهم عاملًا رئيسًا في خلق التوتر والعنف.. وتقويض سيادة إسرائيل على المسجد الأقصى المبارك"!!. الأمر الذي يعكس عنجهية الاحتلال وفرضه الوقائع على الأرض رغم مخالفتها للمنطق، فيصبح - حسب القرار- تواجد المصلين المسلمين في مسجدهم عامل توتر وعنف، بينما يعتبر اقتحام الجنود والمتطرفين للمسجد الأقصى لا يؤدي إلى ذلك!

لكن حظر الرباط وتجريمه من الاحتلال لم يمنع المرابطين والمرابطات من الاستمرار في وجودهم ومرابطتهم على أبواب الأقصى، وأدُّوا دورًا فارقًا في هبَّة باب الأسباط، في يوليو 2017، وذلك أنَّهم قَادُوا الاعتصامات على أبواب الأقصى؛ فتوسَّع مفهوم الرباط وانضمَّ لهم الآلاف من أهل مدينة القدس ومن استطاع الوصول إليهم من أهالي مناطق 1948، وقد نجح الاعتصام في كسر إرادة الاحتلال وإعادة الوضع في الأقصى كما كان سابقًا، وحققوا الانتصار بدخول المسلمين إلى الأقصى دون المرور بالبوابات الإلكترونية (كاشفات المعادن) التي أراد الاحتلال فرضها على مداخل الأقصى كممارسة جديدة لفرض السيطرة والتحكم في المسجد الأقصى.      

كيف كان حالُ الصحابيِّ عبد اللهِ بنِ عمرَ مع المسجد الأقصى؟

كيف كان حالُ الصحابيِّ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ مع المسجدِ الأقصى؟

     لقد كان للصحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما حالٌ فريدٌ مع الأقصى، يدلُّ على فهمِه لمكانةِ الأقصى؛ إذ اعتاد أن يأتيَ من الحجاز إلى بيت المقدس؛ فيدخل فيصلي في المسجد الأقصى المبارك، ثم يخرج ولا يشرب فيه حتى الماء، رجاءَ أن تُصيبَه دعوةُ سليمانَ عليه السلام الواردة في الحديث "لما فرغَ سليمانُ بن داودَ عليهما السلام من بناءِ بيتِ المقدسِ، سأل الله عزَّ وجلَّ ثلاثاً: أَن يعطيهُ حكماً يصادف حكمه، ومُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدهِ، وأَنه لا يأتي هذا المسجدَ أحدٌ لا يريد إلا الصلاةَ فيه؛ إلا خرجَ من ذنوبهِ كيومِ ولدتْهُ أمُّه". فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَما ثِنتَينِ فقد أُعطيَهما، وأرجو أن يكون قد أُعطي الثالثة". (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه)، يقول ابن تيمية: وكان الصحابة ثم التابعون يأتون، ولا يقصدون شيئاً ممَّا حول المسجد الأقصى من المواقع والبقاع، ولا يسافرون إلى مدينة الخليل، ولا غيرها، بل تكون وجهتهم فقط الأقصى والصلاة فيه. (ابن تيمية: مجموع الفتاوى (27-258).

وقد ثبت أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ رضي الله عنهما من الصحابة الذين طبَّقوا سنة الإحرام من المسجد الأقصى المبارك؛ ليوافقوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي روته أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "مَنْ أَهَلَّ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم).

كيف يحاربُ الاحتلالُ الصهيونيُّ المرابطين؟

كيف يحاربُ الاحتلالُ الصهيونيُّ المرابطين؟

    ازدادت وحشيَّةُ الصهاينة في التعامل مع المرابطين واستهدافهم نظرًا لتعاظُمِ دوْرِهم في الدِّفاع عن الأقصى وعرقلة مخططات تقسيمه؛ فكانوا عُرْضَةً لأنواع متعددة من الحرب عليهم، وأمكن رصد الإجراءات التالية ضدهم:

1.                   حظر الرباط واعتباره جريمة قانونية.

2.                  الإبعاد عن المسجد الأقصى.

3.                 منع قوافل شد الرحال.

4.                 الاعتقال والمحاكمة.

5.                 الإبعاد خارج مدينة القدس (البلدة القديمة) والمنع من دخولها.

6.                 المنع من السفر ومصادرة الجوازات.

7.                 الاعتقال من داخل المسجد الأقصى بتهمة التكبير في وجه المتطرفين الصهاينة.

8.                 الاستدعاء للتحقيق بشكل متكرر ومرهق.

9.                 الاحتجاز لأيام دون توجيه تهمة.

10.             الإيذاء اللفظي والجسدي؛ كالشتم والضرب والركل والسحل.

11.               احتجاز الهويات (البطاقات الشخصيَّة).

12.              اقتحام المنازل.

13.              منعُ التأمين الصحي عن المرابطين وعائلاتهم.

14.             التهديد بالحجز على الأبناء وإيداعهم دور الأيتام.

15.              فرض الإقامة الجبرية في المنزل.

16.              فرض الغرامات المالية.

ما هي الأشياء التي يحرُمُ فعلُها أو يُكره القيام بها في المسجد الأقصى المبارك؟

ما هي الأشياء التي يحرُم فعلُها أو يُكرَه القيام بها في المسجد الأقصى المبارك؟

أجاب عليه: د. عبد الكريم مِقْداد

    بيَّن العلماءُ بعضَ الأمورِ التي يُكره فعلها في المسجد الأقصى المبارك أو إطلاقها عليه، ومنها:

أ‌.       لا يؤخذ شيء من ترابه وحصاه:

ذهب الشافعيَّةُ ومَن وافقهم من الفقهاءِ إلى حُرمةِ أخْذِ شيءٍ من تراب المسجد الأقصى أو حصاه وحجره.

قال السيوطي: "يَحْرُمُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَحَجَرِهِ وَحَصَاهُ وَتُرَابِهِ وَزَيْتِهِ وَشَمْعِهِ" الأشباه والنظائر (ص: 421).

وكذلك يحرُم فيه ما يحرُم بحقِّ باقي المساجد من مُكث الحائض فيه، إلا أن المعاصرين من العلماء ونظراً لخصوصيَّة المسجد الأقصى وحاجته للمرابطين فيه استثنوا في هذا الزمان منع الحُيَّض المكث فيه بشرط أمن تلويثه. انظر (فتاوى فقهية تتعلق بالمسجد الأقصى المبارك ص41).

ب‌.  المسجد الأقصى ليس حرماً بالمعنى الاصطلاحي:

الحرم بالمعنى الاصطلاحي: هو ما يحرُم صيْدُه وقطع نباته وأشجاره، وتتعلق به أحكامٌ فقهيَّةٌ خاصَّة لا تكون لغيره من المساجد؛ كحرم مكة والمدينة، وهو بهذا المعنى يحرم إطلاقه على المسجد الأقصى المبارك؛ فالمسجد الأقصى لا تحرم لقطته إذا عُرِّفت -وفق أحكام اللقطة- ولا يُمنع صيده وقطع نباته وغير ذلك.

أما بالمعنى اللغوي للحرم أي ما يعظم انتهاكه واحتقاره ويجب الدفاع عنه وحمايته والقتال دونه وهو ممَّا شاع استعماله في حق الزوجة والأخوات والجامعة وغيرها من الأشياء، فلا إشكال في ذلك.

وقد جاء في فتاوى الهيئة العامة للشؤون الإسلامية في الإمارات: "الحرم بالمعنى الفقهي له أحكام خاصة تنطبق على الحرم المكي والحرم المدني لا غيرهما، ولفظ الحرم القدسي أُطلِق في الفترة الأخيرة على منطقة المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ولا حرج في ذلك من باب المجاز، فهو ثاني مسجد بني على الأرض، وأولى القبلتين وثالث المساجد التي تشد الرحال إليها لفضلها،  والله أعلم".

ت‌.  لا يجوز التمسح بجدرانه وأبنيته والطواف به:

لا يجوز لمن زار المسجد الأقصى أن يتمسح به أو يُقَبِّل أبنيته، أو أنْ يطوف به، وما ورد من أن بعض الناس كانوا يطوفون أو يقفون في ساحة الأقصى يوم عرفة فهو من البدع التي لا تجوز؛ لأنّ الطواف لا يكون إلاّ بالبيت الحرام فقط. ومن هنا كره الإمام مالك المجيء إلى بيت المقدس بقصد تخصيص المجيء بوقت معين؛ كوقت الحج الذي يذهب إليه جماعة فيقفون بساحته يوم عرفة، تشبهاً بالوقوف بعرفة، وينحرون الأضاحي تشبهاً بنحر الحجاج في منى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا في أي بقعة أو مسجد على عهده.

ث‌.  لم يرد ما يدل على تعظيم الصخرة كونها قبلة المسلمين الأولى:

لم يَرِدْ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام أو أحدٍ من أصحابه تعظيماً للصخرة، وإنما عظَّمها اليهود وبعض النصارى، وما يُذكر من أن هناك أثرًا لقدم النبي صلى الله عليه وسلم أوعمامته وغير ذلك فكله كذب وافتراء.

هذه جملة من الأحكام الفقهية الخاصة بالمسجد الأقصى المبارك سائلين الله تعالى أن يُحرره من أيدي المغتصبين، وأن يَرُدَّه إلى أهل الإسلام رداً جميلاً، وأن يرزقنا صلاة فيه.

ما هي الأصول التاريخية للرباط في المسجد الأقصى ؟

ما هي الأصول التاريخية للرباط في المسجد الأقصى ؟

أصل الرباط: هو الإقامة في المكان وعدم مغادرته؛ يُقال: رابط الرَّجلُ في المكان: أي أقام فيه ولم يغادرْه، وعليه يُعرَّف الرباط بأنه الإقامة في الثغور التي يخاف فيها هجمات العدو، من أجل تقوية المسلمين والدفاع عنهم وحمايتهم، ويكون عادة في المناطق الحدودية، وللرباط فضل كبير في الإسلام، فهو أحد أشكال الجهاد في سبيل الله، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها". (صحيح مسلم).

ومنذ القرن الأول الهجري/ السابع ميلادي، اعتاد المسلمون على ملازمة المسجد الأقصى، حتى أنَّ عددًا كبيرًا قد غادروا أوطانهم وجاؤوا إلى بيت المقدس للاعتكاف في الأقصى، وليُدفنوا في جواره، ولعل أقدم ما ورد من أمثلة، الصحابي شداد بن أوس (ت: 64هـ/683م)، والصحابي ذو الأصابع التميمي الذي انتقل للعيش مجاورًا للمسجد الأقصى، يقول: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: "عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكَ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيَرُوحُونَ". (صحيح: مسند الإمام أحمد) ولم تنقطع من بعدهم حركة الاعتكاف والمرابطة في الأقصى على مرِّ القرون التالية، عدا فترة الحروب الصليبية حين احتُلَّ الأقصى كاملًا وتمَّ تحويله إلى كنيسة ومقارٍّ للجنود الصليبيِّين، وتتفرَّق في كتب التاريخ والتصوُّف والتراجم إشارات عمَّن أقاموا في الأقصى ونذروا أنفسهم للصلاة والاعتكاف فيه.  

ما هي علاقةُ المسجدِ الأقصى بعبادةِ الحجِّ أو العمرةِ ؟

ما هي علاقةُ المسجدِ الأقصى بعبادةِ الحجِّ أو العمرة ؟

ِمْن عظيم مكانة المسجد الأقصى في الإسلام، أنَّه مُرتبطٌ بالمسجد الحرام ارتباطًا قويًّا؛ ومن ذلك:

أنه ثاني مسجد بُنِيَ في الأرض بعد المسجد الحرام، وأنَّه كان قبلة للمسلمين قبل المسجد الحرام، وأنَّ أجرَ الصلاة فيه مُضاعفٌ كالمسجد الحرام من حيث الأصل لا من حيث عدد الصَّلوات المُضاعفة،  وأنَّ من بناه هو آدم عليه السلام كما بنى المسجد الحرام ، كما أن تجديده كان على يد نبيٍّ كما تمَّ للمسجد الحرام،  وحتى في العبادات المكانية كالحج والعمرة، فإنه مرتبط بالمسجد الحرام باستحباب أن يهل (يحرم ويبتدئ) المسلم حجَّه أو عمرته من المسجد الأقصى؛ ليحصل له اكتمال الفضيلة.

فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "مَنْ أَهَلَّ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم) .

ومعنى "أهلّ": أي أحرم بنية الحج أو العمرة، وأصل الإهلال هو رفع الصوت بالتلبية عند الشُّروع في الحج أو العمرة.

فكان هذا عمل جمع من الصحابة مثل ابن عمر رضي الله عنهما، الذي ثبت أنَّه أهلَّ من المسجد الأقصى، وقدِم سعد بن أبي وقَّاص قائد جيشِ القادسية إلى المسجد الأقصى فأحرَم منه بعُمرة، كما أنَّ الصحابيَّ عبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَكَعْبٍ [أي كعب الخير] مُحْرِمِينَ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَمِيرُنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. (المطالب العالية لابن حجر العسقلاني، باب الاعتمار من بيت المقدس) ممَّا يُدلِّل على أنَّ هذا الفقه كان مُتوافقًا عليه عند الصحابة، وقد اقتدى بهم في ذلك عددٌ من الفقهاء والتابعين؛ مثل: وكيع بن الجراح الذي أحرم من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، ومن النساء أمُّ حكيم ابنة أميَّة بن الأخنس؛ حيث شدَّت الرحال إلى بيت المقدس حتى أهلَّت من المسجد الأقصى بعمرة بعد أن علمت بحديث أمِّ سلمةَ السابق.

متى كانت رحلةُ الإسراءِ والمعراجِ بالتَّحديدِ ؟

متى كانت رحلةُ الإسراءِ والمعراجِ بالتَّحديدِ؟

يقول الدكتور راغب السرجاني في موقع قصة الإسلام:

اختلف العلماءُ في تحديدِ توقيتِ رحلةِ الإسراء والمعراج؛ وهم في ذلك على أقوالٍ عدَّة:

ذكر ابن عساكر وغيره أحاديث الإسراء في أوائل البعثة[1] .

وأمَّا ابنُ إسحاق فَذَكر أنَّ الرحلةَ كانت بعد البعثة بنحوٍ من عشر سنين[2].

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ موسى بن عقبة، عَنِ الزهري أَنَّهُ قَالَ: أُسَرِي بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَنَةٍ. قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عروة بن الزبير[3]. وَعَلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَعُرْوَةَ يَكُونُ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ[4].

وروى الحاكمِ، عَنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ. أَنَّهُ قَالَ: فُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْخَمْسُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِهِ، قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا[5]. فَعَلَى قَوْلِ السُّدِّيِّ يَكُونُ الإِسْرَاءُ فِي شَهْرِ ذِي الْقِعْدَةِ.

قال ابن كثير: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاء، عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، قَالاَ: وُلِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَفِيه بُعِثَ، وَفِيه عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفِيهِ هَاجَرَ، وَفِيهِ مَاتَ. فِيهِ انْقِطَاعٌ. وَقَدِ اخْتَارَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيُّ فِي سِيرَتِهِ[6].

وذكر ابن كثير -أيضًا- أن الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي قد أَوْرَدَ كذلك حَدِيثًا لاَ يَصِحُّ سَنَدُهُ، أَنَّ الإِسْرَاءَ كَانَ لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ[7].

والذي أميل إليه  أن الإسراء والمعراج كانا بعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف مباشرة، أي في شهر ذي القعدة أو ذي الحجة من العام العاشر من البعثة، لأن هناك أحداثًا مترتِّبة عليه ستأتي بعد هذا التوقيت كما سيتضح لنا في سياق القصة؛ منها قراءة سورة النجم في الكعبة، ومنها هجرة الحبشة الثانية، ومنها دعاء الرسول بالقحط على قريش عندما استعصت عليه.

---------------------------------------------------------------------------------------------------------

[1] ذكر ابن عساكر "باب إخبار الأحبار بنبوته والرهبان وما يذكر من أمره عن العلماء والكهان"، ثم ذكر "باب تطهير قلبه من الغل وإنقاء جوفه بالشق والغسل"، ثم ذكر "باب ذكر عروجه إلى السماء واجتماعه بجماعة من الأنبياء". ابن عساكر: تاريخ دمشق 3/480، وما بعدها. وذكرها الطبري كذلك بعد ذكره لابتداء الوحي، وذكر أحاديث الإسراء والمعراج، وقال قبلها: ثم كان أول شيء فرض الله تعالى من شرائع الإسلام عليه بعد الإقرار بالتوحيد والبراءة من الأوثان والأصنام وخلع الأنداد الصلاة- فيما ذكر. انظر الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/307، وقال ابن عبد البر: قال أبو بكر محمد بن علي (بن القاسم) الذهبي في تاريخه: ثم أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماء بعد مبعثه بثمانية عشر شهرًا. قال أبو عمر: لا أعلم أحدًا من أهل السير قال ما حكاه الذهبي، ولم يُسند قوله إلى أحد ممن يضاف إليه هذا العلم منهم، ولا رفعه إلى مَنْ يحتج به عليهم. انظر: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 8/48. وقال أيضًا: الوقاصي عن ابن شهاب فقال: أسري به بعد مبعثه بخمس سنين. انظر: التمهيد 8/51، 52. وقال ابن بطال: وقول الزهري أولى من قول الذهبي... ورواية الوقاصي أولى من رواية موسى بن عقبة؛ لأنهم لا يختلفون أن خديجة صلت معه بعد فرض الصلاة عليه، وتوفيت قبل الهجرة بأعوام... فهذا يدل أن الإسراء كان قبل الهجرة بأعوام؛ لأن خديجة قيل: إنها توفيت قبل الهجرة بخمس سنين، وقيل: بثلاث. انظر: ابن بطال: شرح صحيح البخاري 2/6، 7، وهذا -في رأيي- مردود عليه، لأن خديجة لم تصلِ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، إنما صلت معه صلاة الغداة والعشي فقط، وهذه مفروضة -كما بينَّا قبل ذلك- من أوائل أيام البعثة. وقال القسطلاني: وعن الزهري أنه كان بعد المبعث بخمس سنين، ورجحه القرطبي والنووي. انظر: القسطلاني: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 6/203، قال النووي: وقال الزهري: كان ذلك بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمس سنين. وقال ابن إسحاق: أُسري به صلى الله عليه وسلم وقد فشا الإسلام بمكة والقبائل. وأشبه هذه الأقوال قول الزهري وابن إسحاق. انظر: النووي: المنهاج 2/209.

[2] ذكر ابن هشام عن ابن إسحاق قصة الإسراء والمعراج في موضع قبل موت أبي طالب وخديجة ل، ولم يذكر تاريخ القصة. قال ابن هشام: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق المطلبي، قال: ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهو بيت المقدس من إيلياء، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش، وفي القبائل كلها. انظر: ابن هشام: السيرة النبوية 1/396- 408. وقال ابن كثير: وأما ابن إسحاق فذكرها في هذا الموطن بعد البعثة بنحو من عشر سنين. انظر: ابن كثير: البداية والنهاية 3/135. وهذا يعني أن اختيار ابن كثير هو العام العاشر من البعثة.

[3] البيهقي: دلائل النبوة 2/354، 355، وقال ابن عبد البر: وقال أبو إسحاق الحربي: فلما كانت ليلة سبع وعشرين من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم... وروى همام عن قتادة قال: كانوا يصلون إلى بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وبعد ما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا. وهكذا قال في الإسراء: إنه كان قبل الهجرة بسنة. وهو قول موسى بن عقبة... قال أبو عمر -أي ابن عبد البر-: هكذا قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب أن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة. قال أبو عمر: وذلك بعد مبعثه بسبع سنين أو باثنتي عشرة سنة على حسب اختلافهم في مقامه بمكة بعد مبعثه... وروى يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ل قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة. قال ابن شهاب: وذلك بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة أعوام... انظر: التمهيد 8/49-52، وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي، قال: حدثني أسامة بن زيد الليثي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. قال: وحدثني موسى بن يعقوب الزمعي، عن أبيه، عن جده، عن أم سلمة ل. قال موسى: وحدثني أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة ل. قال محمد بن عمر: وحدثني إسحاق بن حازم، عن وهب بن كيسان، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أم هانئ ابنة أبي طالب. وحدثني عبد الله بن جعفر، عن زكرياء بن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس ب. وغيرهم أيضًا قد حدثني، دخل حديث بعضهم في حديث بعض، قالوا: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة، من شعب أبي طالب إلى بيت المقدس. انظر: الطبقات الكبرى 1/166. وقال الصالحي: واختلفوا في أي سنة كان، فجزم جمع بأنه كان قبل الهجرة بسنة، وجرى عليه الإمام النووي، وبالغ ابن حزم فنقل فيه الإجماع. سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 3/65.

[4] انظر: ابن كثير: البداية والنهاية 3/135، وقال القسطلاني: وذهب الأكثرون إلى أنه كان في ربيع الأول قبل الهجرة بسنة. انظر: القسطلاني: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 6/203، وقال ابن الجوزي: فمن قال: لِسَنة. فيكون ذلك في ربيع الأول. انظر: الوفا بتعريف فضائل المصطفى ص162.

[5] ابن إسحاق: السير والمغازي ص297، والبيهقي: دلائل النبوة 2/355، وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، وغيره من رجاله، قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يريه الجنة والنار، فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من شهر رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيته ظهرًا، أتاه جبريل وميكائيل فقالا: انطلق إلى ما سألت الله. فانطلقا به إلى ما بين المقام وزمزم، فأتي بالمعراج. انظر: الطبقات الكبرى 1/166، وذكر ابن الجوزي الإسراء والمعراج في حوادث سنة اثنتي عشرة من النبوة، وقال: قال الواقدي: كان المسرى في ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان في السنة الثانية عشرة من النبوة، قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا. وروي عن أشياخ أخر قالوا: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبعة عشر من ربيع الأول، قبل الهجرة بسنة. انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 3/25، 26. وقال أيضًا: وهذا قول ابن عباس وعائشة، وسمعتُ شيخنا أبا الفضل بن ناصر يقول: قال قوم: كان الإسراء قبل الهجرة بسنة. وقال آخرون: قبل الهجرة بستة أشهر. فمن قال: لِسَنة. فيكون ذلك في ربيع الأول، ومن قال: لثمانية أشهر. فيكون ذلك في رجب، ومن قال: لستة أشهر. فيكون ذلك في رمضان. قلت (ابن الجوزي): وقد كان في ليلة سبع وعشرين من رجب. انظر: ابن الجوزي: الوفا بتعريف فضائل المصطفى ص162.

[6] ابن كثير: البداية والنهاية 3/135.

[7] ابن كثير: البداية والنهاية 3/135، وانظر: ابن الجوزي: الوفا بتعريف فضائل المصطفى ص162، وقال الصالحي: واختلفوا في أي الشهور كان الإسراء؛ فجزم ابن الأثير وجمع منهم النووي في فتاويه كما في النسخ المعتمدة، بأنه كان في ربيع الأول، قال النووي: "ليلة سبع وعشرين". وجرى عليه جمع، وهكذا عن الفتاوى الإسنوي في المهمات، والأَذْرَعي في التوسط، والزركشي في الخادم، والدميري في حياة الحيوان، وغيرهم. وكذا رأيته في عدة نسخ من الفتاوى وفي بعض النسخ من شرح مسلم كذلك، وفي أكثرها ربيع الآخر كما في نسخ الفتاوى. ونقله ابن دحية في الابتهاج، والحافظ في الفتح، وجمع عن الحربي. والذي نقله عنه ابن دحية في كتابيه: التنوير والمعراج الصغير، وأبو شامة في الباعث، والحافظ في فضائل رجب، ربيع الأول. وقيل: كان في رجب. وجزم به النووي في الروضة تبعًا للرافعي، وقيل: في رمضان. وقيل: في شوال. انظر: سبل الهدى والرشاد 3/65.


المصدر: موقع قصة الإسلام.

من هم المرابطون ؟ وما أهميَّة دوْرِهم ؟

من هم المرابطون ؟ وما أهميَّة دوْرِهم ؟

     المرابطون والمرابطات، أو مرابطو الأقصى؛ اسمٌ يُطلق على مجموعاتٍ وأفراد من سكان مدينة القدس وضواحيها، ومن الفلسطينيين القادمين من مناطق 1948 المحتلة، وقد كرَّسوا أنفسهم وأوقاتهم للمُكث في المسجد الأقصى أو عند بوَّاباته والتصدي لقوات الاحتلال والمتطرفين الذين يقتحمون المسجد ويُدَنِّسونه؛ ينتمي المرابطون إلى أجيال وخلفيَّات سياسيَّة وثقافيَّة مختلفة، جمعهم حب الأقصى والدفاع عنه؛ فترى منهم الشيوخ والشباب والسيدات والعجائز، ويُضاف لهم طلاب تحفيظ القرآن الكريم، وطلبة العلم الشرعي على مصاطب الأقصى.

أهميَّةُ المرابطين ودوْرُهم.

    تكمُن أهميَّة الرِّباط في عدم ترك المسجد الأقصى خاليًا من المُصلِّين والزَّائرين، خصوصًا أوقات الصباح وبعد الظهر، أو أوقات الأعياد اليهوديَّة، حيث تكثر أعداد المقتحمين واعتداءاتهم، وتتعدد محاولاتهم إقامة الصلوات التلمودية داخل الأقصى؛ فيكون دوْرُهم التصدِّي لهم في تلك الأوقات ومحاولة منعهم؛ للحيلولة دون فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى، الذي يسعى الاحتلال لتثبيته واقعًا على الأقصى، مِثْلما فعل مسبقًا في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، وبرباطهم في الخط الأول على جبهة الدفاع عن الأقصى، ينوبون عن ملايين العرب والمسلمين.

ويكون الرباط في الأقصى بتحقيق وجود إسلامي دائم فيه دفاعًا عنه وحماية له واحترامًا لمكانته. ولذلك يضطر المرابطون إلى ترك أعمالهم ووظائفهم للتفرغ لهذه المهمة، وبعضهم جعل الرباط عمله وجهاده الدائم في المسجد الأقصى.

ويكون تصديهم للاقتحامات بأيديهم الفارغة وصدورهم العارية، فضلًا عن حناجرهم التي تصدح بالهتاف والتكبير "الله أكبر" في وجه المقتحمين والمعتدين.  

لقد حقَّّق المرابطون نتائج ملحوظة على هذا الصعيد، فبالإضافة إلى عرقلة مشروع التقسيم، والتصدي للاحتلال، والنيابة عن الأمة في هذا الخط الدفاعي المتقدم، تحول المرابطون والمرابطات إلى أيقونة، ومصدر إلهام واستنهاض لكثير من الناشطين في العالم، بثباتهم وإصرارههم على الارتباط بالأقصى رغم ما يُلاقونه من ملاحقات وإيذاء بدنيٍّ واعتداءات واعتقالات.

كما برز من بين المرابطات أسماء عديدة نجحتْ في نقل أخبار الأقصى والتطوُّرات هناك، كما نقلوا رسالة الأقصى سواء بحضور المؤتمرات الدولية واللقاءات العامة أو باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن اعتبار الشيخ رائد صلاح، رائد المرابطين وقائدهم، إذ  كرَّس حياته ووقته وجهده من أجل الأقصى وهو الآن في المعتقل، وبرزت أمثلة أخرى من المرابطين؛ مثل: الشيخ كمال الخطيب وغيره من قادة الحركة الإسلامية، ومن المرابطات: خديجة خويص، وهنادي حلواني، وزينة عمرو، وسحر النتشة، وسميحة شاهين، وأم إيهاب الجلاد، وغيرهنَّ الكثير الذين سنسعى أن نوثق تجربتهن عبر أقصى بيديا.

من هو الشيخ رائد صلاح ؟ ولماذا يُلَقَّب بشيخ الأقصى؟

من هو الشيخ رائد صلاح ؟ ولماذا يُلقَّب بشيخ الأقصى؟

يُعدُّ الشيخ رائد صلاح من أكثر الشخصيَّات الفلسطينيَّة شُهْرةً في مواجهة السياسات والاعتداءات الصهيونيَّة، وفضْحِ مؤامرات تهويد القدس والمسجد الأقصى؛ فهو صاحبُ باعٍ طويلٍ في ميْدان الدِّفاع عن المقدَّسات والأوقاف الإسلاميَّة في فلسطين المحتلة، وخاصَّة المسجد الأقصى المبارك، حتى صار يُلقَّب بشيخ الأقصى، ونظرًا لجُهده وجهاده في الدِّفاع عن الأقصى نال الشيخ جائزة الملك فيصل لعام 2013م.

 

المولد والنَّشأة:

وُلد الشيخ رائد صلاح عام 1958 في أسرة "أبو شقرة" بمدينة أمِّ الفحم شمال فلسطين، لأسرة فلسطينية رفضت التهجير إثر احتلال الصهاينة لفلسطين عام 1948م، أتمَّ تعليمه حتى المرحلة الثانوية في مدارس أم الفحم، ثمَّ حصل على درة البكالوريوس  في تخصص الشريعة الإسلامية، من جامعة الخليل الإسلاميَّة.

بدأ الشيخ صلاح نشاطه الإسلامي مبكرًا، حيث تبنَّى فكر جماعة "الإخوان المسلمين"، ونشط في مجال الدعوة داخل فلسطين المحتلة عام 1948.


النشاط السياسي:

كان الشيخ رائد من مؤسسي الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل (أراضي 1948م) في بداية السبعينيات، وغدا من كبار قادتها، ورئيسًا للجناح الشمالي منذ عام 1996م.

وقد تولَّى الشيخ رئاسة بلديَّة أم الفحم ثلاث مرات، وفي عام 2000م استقال من منصبه؛ للتفرغ لرئاسة مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، وهي هيئة أهليَّة تهدف للحفاظ على المسجد الأقصى.

 

الدفاع عن الأقصى

يعدُّ الشيخ من أبرز المدافعين عن الأقصى، وقد اشتهر بدوره في كشف الحفريَّات التي يقوم بها الاحتلال تحت الأقصى وغيرها من مخاطر تُحيط بالأقصى، فضلًا عن المواجهة العمليَّة لها؛ فكان له ولإخوانه دوْرٌ بارزٌ في إعمار المُصلَّى المرواني، وفتح بوَّاباته وحمايته من المصادرة، وكذلك إعمار مصلى الأقصى القديم وتنظيف ساحاته وإضاءتها، وإقامة وحدات مراحيض ووضوء في باب حطة والأسباط وفيصل والمجلس.

وعملوا أيضًا على مشروع مسيرة البيارق؛ لتسهيل جلب المواطنين إلى المسجد الأقصى، وهو ما أدى إلى إفشال مخطَّطات إفراغ الأقصى من المسلمين، وشارك مع إخوانه في إحياء دروس العلم على المصاطب التاريخيَّة في المسجد الأقصى، كما أسهم في إنشاء مشروع صندوق طفل الأقصى الذي يهتمُّ برعاية نحو 16 ألف طفل، وتنظيم المسابقة العالميَّة "بيت المقدس في خطر"، وغيرها من البرامج التي هدفت إلى إحياء قضيَّة الأقصى وتفعيل دور الفلسطينيِّين في الداخل للحفاظ عليه؛ مثل مهرجانات  "الأقصى في خطر" ، وقد ساعد أيضًا في إصدار عدَّة أفلام وثائقيَّة وكتبٍ عن المسجد الأقصى المبارك؛ ومنها “المرابطون”، وكتاب “دليل أولى القبلتين”، وشريط “الأقصى المبارك تحت الحصار”. مما جعله عرضة لبطش الاحتلال ومضايقاته بدءًا من المنع من السَّفر وحِرْمانِه من الدُّخول إلى الأقصى، وصولًا لاعتقاله ومحاولة اغتياله.

استهداف الاحتلال له:

في العام 1981م اعتقل الاحتلال الصهيونيُّ الشيخَ صلاح بتهمة الارتباط مع منظمة محظورة وهي "أسرة الجهاد" وبعد خروجه من السجن فُرضت عليه الإقامة الجبريَّة.

وفي عام 2000م تعرَّض لمحاولة اغتيال في الأيام الأولى من انتفاضة الأقصى، وأصيب بعيار ناريٍّ في الرأس.

وفي عام 2002م رفضت محكمة العدل العليا للاحتلال التماسًا تقدم به الشيخ رائد صلاح؛ لإلغاء أمر أصدره وزير الداخلية يُمنع بموجبه من مغادرة البلاد، وقرَّرت الهيئة القضائيَّة في حينِه أنَّ الأمن العام يتغلَّب بأهميَّته على مبدأ حريَّة التنقل والحركة.

وفي العام التالي 2003م اعتقله الاحتلال مجددًا، بزعم أنَّه قام بِتبْيِيض أموالٍ لحسابِ حركة "حماس" في مجال الدِّفاع عن المقدَّسات والأوقاف الإسلاميَّة وخاصة المسجد الأقصى المبارك.

ومع ذلك، استمرَّ الشيخ في الدفاع عن المقدسات الإسلاميَّة، حتى تمَّ مَنْعُه من دخول مدينة القدس عام 2009، ثم أصدرت المحكمة الإسرائيليَّة بعدها بعام قرارًا بسجنه تسعة أشهر، فكان ردُّه: “إنَّنا سوف نُدافع عن المسجد الأقصى حتى من داخل السجون “.

وفي 31 مايو 2010م شارك الشيخ رائد صلاح في أسطول الحريَّة الهادف لفك الحصار عن قطاع غزة؛ حيث تعَرَّض الأسطولُ لعمليَّة قرصنةٍ بحريَّةٍ في المياه الدوليَّة من السفن الحربيَّة الإسرائيليَّة؛ فاستُشهد تسعة من النُّشطاء، وأُصيب أكثر من 38 آخرين، وقد تمَّ اعتقاله بعد محاولة اغتياله بعد اقتياد الاحتلال للأسطول قسرًا إلى ميناء أسدود.  

وضمن حملة العدو لاستهداف الأقصى وحركة الرباط فيه، حظرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحركة الإسلامية التي يرأسها الشيخ صلاح، في نوفمبر 2015، بدعوى ممارستها لأنشطة تحريضية ضد "إسرائيل"، وذلك لأنها تعد رافدا أساسيا في إعمار الأقصى وحمايته.

وفي عام 2016 حكم على الشيخ بالسجن لمدة (9) أشهر، في قضية عرفت باسم "وادي الجوز"، التي بدأت عام 2007 بعد إلقاء خطبة الجمعة في حي وادي الجوز في القدس المحتلة، إثر منع قوات الاحتلال المصلين من دخول المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة، وعمليات الهدم التي طالت باب المغاربة المؤدي للمسجد الأقصى المبارك في 6 فبراير/شباط 2007م.

وقد توجَّه الشيخ رائد صلاح للسِّجن برفقة موكب شعبي، حيث رافقته الجماهير الغفيرة من مدينة أم الفحم  إلى السجن، في حين قال الشيخ قبل دخوله السجن: "هذه ليست لحظات وداع، بل هي تجديد عهد وبيعة لثوابتنا ومبادئنا العروبية والفلسطينية، وفرحتنا الكبرى ستكون بزوال الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك".

وفي 17 يناير 2016، تم إخلاء سبيل الشيخ رائد صلاح بعد اعتقاله 9 أشهر، غير أنَّه خضع لقيودٍ على حركته، ومن ضمن ذلك المنع من السفر، والمنع من دخول مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، قبل أن يُعتقل مُجدَّدًا.

وبعد انتصار المقدسيين في هبَّة باب الأسباط وإجبار الصهاينة على تفكيك البوابات الإلكترونية، أرادت "إسرائيل" الانتقام من قادة الهبَّة ورموزِها، فقامت  يوم 15 أغسطس/2017 باعتقال الشيخ صلاح من منزله في مدينة أم الفحم، واقتادته للتحقيق، ثم مددت اعتقاله المحكمة مرات عدة، وقررت الإبقاء على اعتقاله حتى انتهاء الإجراءات ضده، وفي 15/2/2018 مدَّدت محكمة الاحتلال المركزية اعتقاله انفراديًّا، لمدة 6 أشهر، بناء على طلب من سلطة السجون.

وعن محاكمته هذه، قال محاميه خالد زبارقة: "الشيخ رائد مُنع من التصريح الإعلامي، ولكنه واجه قرار المحكمة بابتسامة ساخرة وعندما خرج من قاعة المحكمة رفع سَبَّابَتُه وقال: عليكم بالثوابت".

ويبقى الشيخ رائد صلاح -الذي لطالما صرخ مُذكِّرًا الأمةَ بأنَّ "الأقصى في خطر"- رائد الدفاع عن القدس، وحامي المسجد الأقصى المبارك. 

20301

بادر الآن .. الأقصى بانتظارك

تبرع الان

مواقيت الصلاة

كوالالمبور القدس

مكتبة الفيديوعرض المزيد

مكتبة الصورعرض المزيد

الأبواب

الأبواب

الأبواب

الأبواب

المآذن

المآذن

القائمة البريدية

أدخل بريدك الالكتروني لتصدلك أحدث الأخبار والمستجدات
اشترك الآن إلغاء الاشتراك

أقصى بيديا
بالتعاون مع
اتصل بنا
تبرع الآن
  • اتصل بنا
  • حقوق التأليف والنشر @ 2018
  • مؤسسة القدس ماليزيا
  • كل الحقوق محفوظة